جغرافية قارة افريقيا Geogrphy of Africa

   

 جغرافية قارة افريقيا Geogrphy of Africa 

قارة أفريقيا هي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة والسكان، وتتميز بتنوعها الجغرافي والثقافي الهائل. تقع بين البحر الأبيض المتوسط شمالًا والمحيطين الأطلسي والهندي غربًا وشرقًا، وتضم تضاريس متنوعة تشمل الصحاري، السهول، الجبال، والهضاب. تتميز أفريقيا بمناخها المتنوع ومواردها الطبيعية الغنية، ما يجعلها واحدة من أهم القارات من حيث الإمكانيات الاقتصادية والتنموية.

السمات العامة والجغرافية لقارة افريقيا




تمهيد 

قارة من أقدم قارات المعمورة، تنعت بالسمراء والسوداء، وهي الثانية من حيث عدد السكان بعد قارة آسيا، تمتلك موارد طبيعية وبشرية تؤهل دولها لمكانة تختلف جذريا عن واقعها الحالي

الموقع

تتوسط قارة أفريقيا قارات العالم القديم، يحدها شمالا البحر المتوسط، وغربا المحيط الأطلسي، وقناة السويس (التي تربطها بآسيا) والبحر الأحمر من الشمال الشرقي، والمحيط الهندي من الجنوب الشرقي والشرق وهى ثانية قارات العالم مساحة إذ تتجاوز مساحتها ثلاثين مليون كيلومتر مربع. وتمتلك دولها الـ45خصائص مشتركة، لكنها تختلف في المساحة وعدد السكان والموارد الاقتصادية.

يقع الموقع الفلكي لقارة أفريقيا بين خطي عرض 37° شمالًا و34° جنوبًا، وبين خطي طول 17° غربًا و51° شرقًا. يمتد هذا الموقع ليجعل أفريقيا قارة تمتد عبر المناطق المدارية والاستوائية، مما يمنحها تنوعًا كبيرًا في المناخ والبيئات الطبيعية.


أهم النقاط المرتبطة بالموقع الفلكي:

1. خط الاستواء: يمر وسط القارة، ما يجعل الأقاليم الاستوائية تمتد عبر أجزاء واسعة.

2. مدار السرطان ومدار الجدي: يمر مدار السرطان شمال القارة، ومدار الجدي جنوبها، مما يجعل القارة تضم مناطق مدارية وشبه صحراوية.

3. النطاق الزمني: يمتد الموقع الطولي عبر عدة نطاقات زمنية.


وتعد الجزائر كبرى دول القارة بمساحة 2.381.741 كيلومترا مربعا، تليها السودان بـ1.865.813 كيلومترا مربعا يجمع مناخ القارة بين المناخ الاستوائي ومناخ المناطق شبه القطبية، كما تجمع بين مناطق قاحلة في الجزء الشمالي، ومناطق فيها سهول السافانا حيث الأمطار غزيرة بالأجزاء الوسطى والجنوبية، وتوجد سهول شاسعة بالمناطق القريبة من الشواطئ والسواحل، وينعكس اختلاف التضاريس على تنوع الغطاء النباتي، والثورة الحيوانية، والحيوانات البرية 

التاريخ

تختلف التفسيرات لأصل اسم القارة، فمن قال إن أصلها فينيقي، من أفار التي تعني غبار، ومن قال إن أصلها أمازيغي من إفري وإفران وأفير أي الكهف، ويذهب تفسير ثالث إلى أنها سميت باسم إفريقس، أحد ملوك اليمنيين القدماء،واعتبر كثير من الباحثين الأنثربولوجيين أن أفريقيا من أقدم المناطق المأهولة بالسكان على وجه الأرض، وتم في منتصف القرن العشرين اكتشاف حفريات وأدلة على وجود بشري بالقارة قبل عشرات الآلاف من القرون. وقد مرت بها حضارات مختلفة وأبرزها الرومانية واليونانية ، ووصلها الفتح الإسلامي في أوائل القرن السابع الميلادي، انطلاقا من مصر ثم دول شمال أفريقيا كتونس والمغرب، حيث حصل تمازج بين العرب والأمازيغ بفضل الديانة الإسلامية

اجتاحها الأوربيون أواخر القرن التاسع عشر و"استعمروا" معظم دولها ونهبوا كثيرا من ثرواتها وكنوزها، وعاثوا فيها فسادا ودمار، واتخذوا كثيرا من أبنائها رقيقا يباع ويشترى، ونقلوهم كالبضائع عبر المحيط الأطلسي إلى "العالم الجديد" في الأميركتين ثم اقتسموها بينهم

السكان

يبلغ عدد سكان القارة نحو 1.2 مليار نسمة، يعيش ثلثاهم على الزراعة. وتعتبر نيجيريا وإثيوبيا ومصر من أكبر دول القارة من حيث عدد السكان. ومن بين أصغر دول القارة سيشل التي يبلغ عدد سكانها حوالي 93 ألف نسمة وينحدر سكان القارة من أجناس عرقية مختلفة يشكل الزنوج غالبيتهم (70%) والجنس المغولي المتركز في مجموعة الجزر بجنوب شرق القارة، والجنس القوقازي المتركز في شمال أفريقيا بين العرب والأمازيغ وفي القرن الأفريقي، والأقزام السكان الأصليون في الجنوب الأفريقي تذهب بعض الإحصائيات إلى أن سكان أفريقيا يتحدثون أكثر من ألفي لغة أصلية أو محلية تندرج جميعها ضمن ست عائلات لغوية أساسية، منها اللغات الأفرو آسيوية (الحامية السامية)

المنتشرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، وأجزاء من منطقة الساحل

اللغات 

وتنتشر اللغة الزنجية في غرب وجنوب ووسط القارة، واللغة السودانية التي يتحدث بها الزنوج في أعالي النيل، ولغة الملايو بولونيوز التي يتحدث بها المغول، ولغة الطوي سان التي يتحدث بها الأقزام، بالإضافة إلى لغات تطورت عبر التعامل التجاري كاللغة السواحلية في شرق القارة ولغة الهوسا في غربها، وتعتبر اللغة العربية لغة رسميا في أكثر من 12 دولة أفريقية.

قارة أفريقيا تتميز بتنوع لغوي استثنائي، حيث تُعتبر موطنًا لأكثر من 2000 لغة، موزعة بين لغات محلية وإقليمية ورسمية. يُمكن تصنيف اللغات في أفريقيا إلى عدة مجموعات رئيسية:


1. اللغات الأفريقية الأصلية:

تشمل عائلات لغوية كبيرة نشأت في القارة:

النيجر-كونغو: أكبر عائلة لغوية في أفريقيا، تضم لغات مثل السواحيلية، اليوروبا، والزولو.

الأفرو-آسيوية: تشمل لغات شمال أفريقيا والقرن الأفريقي، مثل العربية، الأمازيغية، الصومالية، والهوسا.

النيلية الصحراوية: منتشرة في وسط وشمال شرق أفريقيا، مثل الدنكا والنوبية.

الخوازانية: لغات سكان جنوب أفريقيا الأصليين، تتميز بالأصوات النقرية.

2. اللغات الاستعمارية:

دخلت مع الاستعمار الأوروبي وتُستخدم كلغات رسمية وإدارية في العديد من الدول:

الفرنسية: منتشرة في غرب ووسط أفريقيا (مثل السنغال والكاميرون).

الإنجليزية: منتشرة في شرق وجنوب أفريقيا (مثل كينيا ونيجيريا).

البرتغالية: مستخدمة في دول مثل أنغولا وموزمبيق.

الإسبانية: تُستخدم في بعض المناطق مثل غينيا الاستوائية.

3. اللغات السواحلية:

تُعتبر السواحيلية لغة تواصل مشترك في شرق أفريقيا، وهي إحدى أكثر اللغات انتشارًا في القارة.

4. اللغات الرسمية والمحلية:

بعض الدول تتبنى لغات أصلية كلغات رسمية بجانب اللغات الاستعمارية، مثل العربية في مصر والسودان.

معظم السكان يتحدثون لغات محلية في حياتهم اليومية، ما يعزز التنوع الثقافي.

التحديات:

تعدد اللغات يؤدي أحيانًا إلى تحديات في التواصل داخل الدول متعددة الأعراق.

هناك جهود لتعزيز اللغات الأصلية وتوثيقها للحفاظ على التراث اللغوي الأفريقي.


الديانات 

يدين سكان أفريقيا بشكل أساسي بالديانة المسيحية (45%) ثم الإسلام (40%) وبعشرات الأديان الوثنية والمحلية القبلية.

قارة أفريقيا تتميز بتنوع ديني كبير يعكس غناها الثقافي والتاريخي. يمكن تصنيف الديانات في القارة إلى ثلاث فئات رئيسية:

1. الإسلام:


يعد الإسلام الديانة الأكثر انتشارًا في شمال أفريقيا وبعض دول غرب وشرق القارة.

يمثل المسلمون غالبية السكان في دول مثل مصر، السودان، ليبيا، الجزائر، المغرب، وتونس.

دخل الإسلام أفريقيا في القرن السابع الميلادي عبر التجارة والهجرة، خاصة من شبه الجزيرة العربية.

2. المسيحية:

تتركز المسيحية في جنوب ووسط القارة، بالإضافة إلى إثيوبيا ومناطق شرق أفريقيا.

يشكل المسيحيون النسبة الأكبر في دول مثل جنوب أفريقيا، إثيوبيا، كينيا، وأوغندا.

المسيحية دخلت القارة عبر البعثات التبشيرية الأوروبية وأيضًا منذ العصور القديمة، خاصة في إثيوبيا ومصر.

3. الديانات التقليدية الأفريقية:

تعتمد على المعتقدات والممارسات الروحية المرتبطة بالطبيعة والأسلاف.

تُمارس هذه الديانات في العديد من الدول، خاصة في المناطق الريفية أو بين المجتمعات التي تحافظ على تراثها الثقافي.

تشمل طقوسها الإيمان بالأرواح، الطقوس العلاجية، واستخدام التعاويذ.

التعايش الديني:


أفريقيا مثال للتنوع الديني والتعايش، حيث تتعايش المجتمعات المسلمة والمسيحية وأتباع الديانات التقليدية في معظم المناطق رغم وجود تحديات في بعض الأحيان.


الاقتصاد

تملك القارة الأفريقية نصيبا معتبرا من الإنتاج العالمي لبعض المواد الخام التعدينية والزراعية، ويقوم اقتصادها على الزراعة والتجارة والصناعة، والسياحة وموارد بشرية هائلة، لكنه يتسم بالضعف في الغالب لعدم قدرته على استغلال موارده بشكل جيد، ومعاناة جزء كبير من سكانها من الفقر أكثر من سكان أي قارة أخرى، واضطرت الكثير من بلدانها لتصدير مواد خام أو سلع أولية للحصول على النقد الأجنبي وتصدر كل من الجزائر وأنجولا والكونغو برازافيل والغابون وليبيا ونيجيريا البترول الخام للحصول على حوالي70 إلى 95% من النقد الأجنبي، فيما تعتمد بوتسوانا على تصدير الماس للحصول على 80% من النقد الأجنبي وكذلك الأمر بالنسبة لزامبيا التي تصدر النحاس للحصول على 80% من النقد الأجنبي، والنيجر التي تصدر اليورانيوم للحصول على 96% من النقد الأجنبي وتصدر أفريقيا الكاكاو والقرنفل ونواة النخيل، وفول الفانيلا، والكاسافا وفول البلاذر، بالإضافة إلى الموز والبن والفول السوداني والقطن، والمطاط والسكر والشاي، وكذلك الماشية، فضلا عن الثروة السمكية بأنواع عديدة

وتشكل نيجيريا -أكبر بلد أفريقي من حيث عدد السكان وأول منتج أفريقي للنفط- أكبر قوة اقتصادية في القارة بناتج محلي بلغ 510 مليارات دولار عام 2013، غير أن ذلك لم ينعكس على مستوى معيشة غالبية الشعب النيجيري، ولا على البنية التحتية للبلد.

مؤشرات الاقتصاد في قارة أفريقيا

أفريقيا تمتلك إمكانيات اقتصادية هائلة بفضل مواردها الطبيعية والبشرية، إلا أن التحديات التنموية لا تزال تؤثر على تحقيق كامل إمكاناتها. فيما يلي أبرز مؤشرات الاقتصاد في القارة:

1. الناتج المحلي الإجمالي (GDP)

يُقدر الناتج المحلي الإجمالي الإجمالي للقارة بحوالي 3.1 تريليون دولار.

من أسرع الاقتصادات نموًا:

نيجيريا (أكبر اقتصاد في القارة).

جنوب أفريقيا.

مصر.

كينيا وإثيوبيا ضمن الاقتصادات الناشئة.

2. القطاعات الاقتصادية الرئيسية:


الزراعة:

تمثل 15-20% من الناتج المحلي الإجمالي في القارة.

يعتمد حوالي 60% من السكان على الزراعة لكسب العيش.

تشمل المحاصيل الرئيسية: القطن، البن، الكاكاو، الذرة.

التعدين:

تمتلك أفريقيا 30% من احتياطيات الموارد الطبيعية في العالم.

من أهم الموارد: الذهب (جنوب أفريقيا وغانا)، النفط (نيجيريا وأنغولا)، والماس (بوتسوانا).

الخدمات:

يشهد قطاع الخدمات (الاتصالات، السياحة، المالية) نموًا سريعًا.

السياحة: أفريقيا غنية بالمواقع الطبيعية والتاريخية مثل سفاري كينيا وأهرامات مصر.

الصناعة:

لا تزال في مراحلها الأولى، مع تزايد الاستثمارات في التصنيع والطاقة النظيفة.

3. التجارة:

تعتمد معظم الدول على تصدير المواد الخام، مثل النفط، المعادن، والمنتجات الزراعية.

الشركاء التجاريون الرئيسيون:

الصين (أكبر شريك تجاري).

الاتحاد الأوروبي.

الولايات المتحدة والهند.

4. الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI):

أفريقيا وجهة جاذبة للاستثمار بفضل مواردها الطبيعية وسوقها المتنامي.

تُقدر الاستثمارات الأجنبية بنحو 83 مليار دولار سنويًا، مع تركيز كبير على النفط، التعدين، والبنية التحتية.

5. التحديات الاقتصادية:

الفقر والبطالة:

أكثر من 40% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.

معدلات البطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب.

ضعف البنية التحتية:

العديد من الدول تعاني من نقص الكهرباء، شبكات النقل، والمياه.

الاعتماد على تصدير المواد الخام:

يجعل الاقتصادات عرضة لتقلبات أسعار السوق العالمية.

6. التنمية والآفاق المستقبلية:

الاتفاقية الأفريقية للتجارة الحرة (AfCFTA):

تهدف إلى تعزيز التجارة بين الدول الأفريقية وزيادة التكامل الاقتصادي.

الطاقة المتجددة:

تُعد أفريقيا سوقًا واعدة لمشروعات الطاقة الشمسية والرياح.

التكنولوجيا:

توسع سريع في استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، مما يدعم نمو الشركات الناشئة.

الخلاصة:

تمتلك أفريقيا فرصًا اقتصادية واعدة بفضل ثرواتها الطبيعية وشبابها، لكنها تحتاج إلى تعزيز الاستثمار في التعليم، الصحة، والبنية التحتية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.


التنمية البشرية  

تختلف مؤشرات التنمية البشرية في القارة الأفريقية، ومنها التعليم على سبيل المثال حيث تصل نسبة الأمية إلى أقل معدل لها في دول مثل موريشيوس (16%) وزيمبابوي (12%) بينما تصل إلى أعلى معدلاتها في دول مثل بوركينا فاسو (77%) وجامبيا (65%) والنيجر (%85))

ويختلف متوسط العمر المتوقع الذي تناقص في بعض الدول التي تعاني من انتشار مرض الإيدز مثل زيمبابوي. كما تختلف دول القارة في الموارد الاقتصادية والطبيعية، فبعض الدول في الجنوب الأفريقي تتميز بوفرة مواردها كجنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، فيما تعاني النيجر والصومال مثلا من ضعف المواد الطبيعية

السياحة

ورغم مشاكل القارة إلا أنها تبقى واحدة من الوجهات السياحية المهمة في العالم لتوفرها على موارد طبيعية جذابة وممتعة من حدائق وغابات وجبال وشلالات، ومن بين أشهر المواقع السياحية في القارة محمية ماساي مارا بكينيا، وشلالات فكتوريا في زمبابوي وزامبيا، وأهرامات مصر، ومدينة "دجيني" بمالي

نزاعات إقليمية

عانت القارة الأفريقية من نزاعات حدودية وعرقية دامية وشائكة، وعرفت كثير من دولها حروبا أهلية وانقلابات، خلقت حالة كبيرة من الاضطراب وعدم الاستقرار، كما يجري في الصومال ونيجيريا ومالي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي عرفت في أغسطس/آب 1998 تمردا تحول إلى نزاع بين القوت الحكومية وفصائل مسلحة وقد ظهرت نزاعات إقليمية في كل من أنغولا وناميبيا وتشاد وزيمبابوي، ورواندا وأوغندا وبوروندي وهناك نزاع حدودي وصل إلى درجة الحرب بين إريتريا وإثيوبيا (1998-2000) بالإضافة لما عرفه السودان من انفصال جنوبه، واستمرار مشاكله مع حركات متمردة خاصة في إقليم دارفور، وكذلك الأزمة التي عرفتها دولة ساحل العاج وفي بوروندي دارت حرب أهلية بين قبائل التوتسي (أقلية) وقبائل الهوتو، أودت بحياة أكثر من 300 ألف قتيل أغلبهم من المدنيين ،ويعتبر النزاع على الصحراء الغربية، بين المغرب وجبهة البوليساريو (منذ عام 1975) واحدا من أقدم النزاعات بالقارة

الاتحاد الأفريقي

أُسس الاتحاد الأفريقي في 9 يوليو/تموز 2002 بديلا لمنظمة الوحدة الأفريقية، استلهاما لتجربة الاتحاد الأوروبي، وسعيا لتوحيد الرؤى السياسية والاقتصادية لدول القارة، وتسهيل الاندماج بينها، لكنه أخفق مرات عديدة في معالجة إشكالات وأزمات سياسية واقتصادية بين دول الاتحاد تعتبر الجمعية العامة للاتحاد المكونة من رؤساء الدول الأعضاء أو ممثلي حكوماتها، أعلى هيئة تقريرية، ومحددة لتوجهاته ومواقفه، يليها في الأهمية البرلمان الأفريقي

مجاعات وأمراض

عانت العديد من الدول الأفريقية من المجاعة بسبب الجفاف وظاهرة الاحتباس الحراري، والصراع على السلطة والحروب الأهلية، وتعتبر الصومال وإثيوبيا ودول الساحل الأفريقي أكثر الدول التي عرفت مرارة الجوع في ثمانينيات القرن السابع عشر الميلادي، حيث توفي عام 1738 نصف سكان ما كان يعرف بتمبكتو (مالي)، وعرفت مصر ست مجاعات ما بين عامي 1687 و1731

ونالت منطقة المغرب العربي نصيبها مطلع القرن التاسع، وكانت المجاعة أحد أسباب الإطاحة بنظام الرئيس جعفر نميري في الخرطوم وعرف الساحل الإفريقي عام 2010 أسوأ المجاعات بالقارة خاصة في النيجر ومنطقة غرب أفريقيا، بسبب شح الأمطار ونقص الغذاء، وفي يوليو/تموز 2011 عانت منطقة القرن الأفريقي من جفاف أودى بحياة الآلاف في الصومال والدول المجاورة

ومن أخطر الأمراض التي تعانيها القارة مرض الإيدز (نقص المناعة المكتسب)، ووباء الكوليرا (مرض بكتيري يصيب الجهاز الهضمي) ومرض الملاريا ومرض الإيبولا.

افريقيا / مرحلة ما قبل الاستقلال: السمات العامة:

افريقيا القارة السمراء احدى قارات العالم القديم والتي شهدت اقدم الحضارات الإنسانية (حضارتي وادي النيل الاعلى ولأدنى) والتي لا زالت آثارها شاهدة على عظمة إنسان إفريقيا وإبداعاته، وكانت قبل وصول الاوربيون ليها تعيش في حالة من الامن والاستقرار وتوجد بها ممالك وسلطنات بلغت شأنا كبيرا من التطور والعمران ولها نظم حكم مستقرة وان كانت تقوم على النظام القبلي في كثير من الاحيان وكانالرحالة العرب كالإدريسي وابن جبير وابن بطوطة قد وصفوا في كتاباتهم وخرائطهم كل ما يتعلق بأفريقيا ،واستفاد الاوربيون من تلك الرحلات والاستكشافات العربية واستغلوها وقاموا بحركة الكشوف الجغرافية التي كانت بداية التمهيد للاستعمار الاوربي لأفريقيا وتلت مرحلة الكشوف مرحلة استغلال ثروات افريقيا الطبيعية والبشرية، فبعد ان نهب الاسبان والبرتغاليون معظم المعادن من افريقيا وخاصة الذهب والنحاس والمواد الخام لجأوا الى تهجير شباب افريقيا الى الدنيا الجديدة للعمل كايدي عاملة لاستصلاح الاراضي وتعميرها .. وهكذا شهدت افريقيا احلك فترة في التاريخ وهو العصر الذي استغل فيه الانسان التقدم العلمي من اسلحة وذخائر في اصطياد الانسان لأخيه الانسان كأنه حيوان وقد لاقى الافريقيون صنوفا من انواع العذاب والعنت من( جراء تجارة الرقيق) التي كانت وصمة في جبين الانسان الاوربي وقضت هذه التجارة على كل مظاهر الاستقرار والامن في افريقيا وحل الخوف والذعر محلها، ثم اخذت جحافل الاوربيون تتسابق نحو أفريقيا عند قيام الثورة الصناعية لأخذ البقية الباقية من ثروات افريقيا ومواردها الخام فكان التسابق الاستعماري المحموم نحو افريقيا ولعبت النزعة الاستعمارية دورا هاما في اذكاء هذا التسابق وتحديد مناطق نفوذ الدول الاوربية، وقد قاوم الافريقيون قدوم الاوربيون الى موطنهم منذ اول وهلة وقامت العديد من الثورات الوطنية وظهرت عدة بطولات افريقية نادرة هنا وهناك، ورغم ما لعبته هذه الثورات من دور في تقليل الهيمنة الاوربية على افريقيا ،الا انالاوربيون استعّمرواافريقيا واحتلوها وحاولوا القضاء على معالم الحضارة فيها وخاصة الحضارة العربية الاسلامية بدافع الحقد على المد العربي الاسلامي الذي اجتاح شمال افريقيا.وقد جر الاوربيون الافريقيون الى الدخول في حربين عالميتين في صراعهم مع بعضهم البعض وكان الافريقيون يحاربون في جنب هذه او تلك دون مصلحة لهم ولكن بعض الآراء ترى ان اندلاع هاتين الحربين ودعوات تقرير المصير وقيام منظمتي عصبة الامم ثم الامم المتحدة ساعد معظم الافارقة بمسعاها للفكاك من قبضة الاستعمار في وقت استيقظ فيه الضمير العالمي نابذا الحروب والسيطرة ، وبعد كفاح طويل نال الافريقيون استقلالهم الا ان الحكومات الوطنية اصطدمت بالمشاكل التي خلفها الاستعمار ومعظمها يتصل بالتخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وبذلت محاولات لحلها بتعاون الدول الافريقية.

وسنحاول ان نتلمس واقع افريقيا خلال السيطرة الاوربية وكيف كانت احوال القارة قبل استقلال دول القارة .

 - الكشوف الجغرافية الأوربية واستعمار القارة الأفريقية

تمثل قضية الكشوف الجغرافية قصة حیاة الإنسان كلها ، فمنذ أن وجد على الأرض أخذ یتحسس الأماكن التي یمكن أن تلبي مطالب حیاتها البسيطة منها والمعقدة ، وما زال یكشف ویسافرویكتشف ما یعده في نظره مجهولاً من أماكن لمعرفتها أولاً ثم للإفادة منها ثانيا ، وعلى أساس هذا الفهم ما من أمة وجدت على الأرض إلا وقد كشفت جغرافيا وتحسست البلاد الأخرى التي تجهلها كالفینیقین والرومان والإغريق والأحباش والفراعنة والصینیین والمسلمون

حیث حكى التاريخ عن كل هذه الأمم وحملاتها العسكرية وغيرها مما یتعلق بالتجارة والهجرات السلمیة وخلافها وهي أمور لا یمكن أن تتم دون معرفة سابقة بالأماكن المقصودة وما فیها من الأهداف المرجوة ، ویتضح من كل ذلك أن الكشوف الجغرافية هي الأساس في التعرف على أنحاء العالم وجماعات البشر وموارد الأرض وهي المغذي للفكر الجغرافي بصفة عامة . والكشوف الجغرافية الأوربية لا تخرج بأي حال عن كل ذلك في أي مجهود كشفي قامت به الأمم الأوربية سواء أكان ذلك للقارة الإفريقية أم لآسيا بل وحتى مناطق الهنود الحمر المعروفة الآن بالولايات المتحدة الأمريكية ، علما بأن أوربا قامت بالكشف الجغرافي والاستعمار والاستيطان في عصور نهضتها القديمة إبان الحضارة الرومانية واليونانية وغیرها .

ورغم كون الكشف الجغرافي مهمة فردية في الغالب خلال القرون الاولى الا انه صارت له جمعيات تنظمه وترعى الكاشفين في العصور المتأخرة، ويمكننا القول ان مرحلة الكشوف الجغرافية لدواخل القارة الافريقية لم تبدا الا مع انشاء (الجمعيةالجغرافية) فيلندنسنة 1788م لكشف الاجزاء الداخلية من افريقيا بعد قررت البعثات الاوربية الذهاب الى افريقيا لاكتشاف انهارها وثرواتها، وفي هذا الاطار ادت الجمعيات الجغرافية دورا مهما في كشف الانهار واسرار القارة الداخلية واجراء تقييم مهم للثروة المعدنية والزراعية ، والسؤال المهم هنا ماذا ترتب على الكشوف الجغرافية من نتائج ؟

للكشوف الجغرافية في افريقيا نتائج عديدة وديناميكية(مستمرة) حتى الوقت الراهن متمثلة في تداعيات الاستعمار بأشكاله المختلفة والعلاقات السالبة والموجبة التي ینتج عنها ما ینتج من مشاكلمن حین لآخر ، فمن أهم النتائج السلبية وما ترتب علیها نجد الآتي : 

- اصبحت القارة الأفريقية مستعمرة من قبل فرنسا وبريطانياوبلجيكا و إيطاليا وأسبانیا وألمانيا والبرتغال مع أن الأخيرة هي السابقة منذ أمد بعید في الكشف والاستيطان ، وكان من أهم ذرائع السيطرة الاستعمارية حینها أنهم يهدفون إلى نشر الحضارة المتقدمة والمدنية في أرجاء العالم المختلفة رغم أن ذلك الاستعمار كان السبب في العدید من المشاكل التي ما زالت تعاني منها إفريقيا

- استيطان عناصر أوربية في بعض أجزاء أفریقیا خاصة تلك التي تشبه أوربا من حیث الخصائص الجغرافية الطبيعية كمنطقة ألكاب وموزنبيق وكینیا ورودیسیا الجنوبیة والشمالیة وقرب مضیق جبل طارق

 - اصبحت إفريقيا تضم أكبر عدد للوحدات السیاسیة تضمه قارة واحدة في العالم

 -تم استغلال الكثیر من الموارد الإفريقية من قبل الأوروبية.

بریطانیة وفرنسیة معتمدة على الخامات الإفريقية وذلك بعد إدخال الاساليبالعلميةالحديثة في الزراعة وفيالتنقیب عن المعادن

 - بذر الأوربيون أوضاعا جغرافية تذكي الصراع والنزاع بینالقومياتالإفريقية المختلفة بوضع تقسيمسياسيغريب على المجتمعات وحدود سیاسیة تشق القومية الواحدة لأكثر من دولة وتأليفبینقوميات متناقضة تشتعل بینها حروب يعمل الأوربيون على إذكاءها، فالحدود السیاسیة التي رسمت قصد بها أساساً وضع حالة من عدم الاستقرار وما اجل فرض احكام سيطرتها على القارة ولتنفيذ ذلك اتفقت الدول الاوربية على عقد مؤتمر فيما بينها يتم بموجبه تقسيم القارة وفق اليات جديدة تتفق بموجبها فجاء عقد مؤتمر برلين ما بين 1884- 1885 وفيه تم الاتفاق على تعيين مناطق النفوذ لكل دولة من الدول على قاعدة التراضي وقسمت القارة الافريقية على حساب شعوبهادون مراعاة لحقوقهم واحترام أملاكهم وتقاليدهم ومقدساتهم الشخصية والقومية،وهذا أدى إلى تقسيم القارة الأفريقية إلى حدود اصطناعية لا تتماشى مع الفواصل البشرية أو الجغرافية وابرز مقررات المؤتمر كانت :

1- تم تأسيس مبدأ حرية الملاحة في نهري النيجر والكونغو مع الحفاظ على جميع حقوق المؤسسات القائمة على المنطقة . 

2-تم تحديد حدود المطالبات البرتغالية في أنغولا والموزمبيق، كما وتم الاعتراف بالمطالبات الفرنسية على طول نهر الكونغو، وتم الاعتراف بالرابطة الدولية للكونغو للملك ليوبولد على أنها حكومة الأمر الواقع لحوض الكونغو وتم تسمية الإقليم باسم "ولاية الكونغو الحرة .  

 3- وافق المؤتمرون على الاستمرار بمحاربة تجارة الرقيق في افريقيا .

4- اتفق المؤتمرون على ان أي دولة اوربية تحتل بلدا افريقيا وتقر الدول الاخرى بهذا الاحتلال يحق لها ان تستعمر هذا البلد فيما بعد،وكان هذا القرار بمثابة الضوء الاخضر للتكالب على افريقيا 

5- يُنظر إلى ألمانيا على أنها المستفيد الأكبر من مؤتمر برلين، وذلك لأن الكونغرس حدد حدود المطالب الألمانية في أفريقيا ومعظمها على حساب سلطان زنجبار، وأكد على أن ألمانيا عضو أساسي في الشؤون الدولية .

ونتيجة لهذا المؤتمر شهدت القارة تكالب الدول الاوربية على عقد اتفاقيات مع زعماء القبائل الافريقية وكان مبعوثو الدول الاوربية يجوبون القارة مقدمين الهدايا والرشاوي وتوقيع الاتفاقيات وفي احيان كثيرة لا يدري الافريقي على ماذا وقع ، ولحق هذا المؤتمر مؤتمر آخر كان له اثرا مباشرة على القارة هو مؤتمر بروكسل.


وتطبيقا لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر برلين ومؤتمر بروكسل تم: 

- وضع الحدود الاصطناعية في أفريقيا التيهي حدود مفروضة أوموضوعة إما بحدود فلكية تتبع دائرة عرض أو خط طول أو تنشا عن خطوط اتفاقية هندسية وضعت معظمها على موائد المؤتمرات و كلاها لا يراعي فيه ظروف السكان ورغبات حدود المستعمرات التي أقامها الأوربيون في القارة الأفريقية ومن أمثلة الحدود الصناعية والحدود السياسية ما بين مصر والسودان وهذا النوع من الحدود عكس الحدود الاثنوجرافية أو الحدود القومية التي تعتبر أفضل الحدود جميعا ذلك لأنها تفصل بين الشعوب والقوميات بعضها ببعض الأخر، لكن للأسف قليل جدا من الحدود السياسية في العالم يتفق والحدود الاثنوجرافية، و يرجع هذا إلى عاملين هما :

 - الاختلاط والتداخل بين الشعوب بحيث لا يمكن عمل فاصل واضح وعازل بينها وهذا معناه انه لا يمكن تخطيط الحدود التي ترسم لفصل الشعوب فصلا دقيقا، ومن ثم نجد الكثير من الشعوب تتوغل داخل حدود شعوب أخرى مجاورة

 - وثانيا أن التخطيط للحدود عادة ما يتم على أسس غير اثنوجرافية بل على الأسس والمصالح الاقتصادية والامبريالية ،وهناك عدة ملاحظات يجب أخذها في الحديث عن الحدود في إفريقيا يمكن تلخيصها في :

 - أن الحدود الأفريقية تدخل في فرضها الاعتبار الخارجي الخاص بالاستعمار وما فرضه من تقسيمات تحقيقا لمصالح الدولة الاستعمارية بدلا من الاعتبار الداخلية الخاص بمصالح شعوب لتلك المناطق المستعمرة فالأفريقيون لم يسهموا في الاتفاق على الحدود

 - تتميز الحدود في أفريقيا بأنها حدود لا تتبع الظواهر الطبيعية من جبال وانهار، وغيرها وقد وضعت دون حساب للاعتبارات البشرية أوالاقتصادية أوالجغرافية أوغيرها حيث كان الاعتبار الأساس هو الصالح الاستعماري .

 - معظم الحدود موجودة على الورق ولم تخط على الطبيعة بينما الخطية هي احد أسس ومقومات الحدود السياسية بحيث يمكن تحديد نطاق الاختصاص الإقليمي للدولة .

ما بعد مؤتمر برلين الذي عّد علامة فارقة ومهمة في نشأة معضلة القيادة نحو دولة قومية حديثة، بتقسيم أفريقيا إلى مناطق نفوذ، لم تكن القوى الأوربية تسعى فقط إلى إقامة مراكز حدودية تستطيع من خلالها شن حملات ضد بعضها البعض للحفاظ على هيمنتها الجيوبوليتيكية، بالإضافة إلى تامين مصادر جديدة للمواد الخام التي تحتاج إليها للتوسع في اقتصادياتها الصناعية، بل تعدت القوى الامبريالية الأساليب المادية إلى ما يمكن تسميته( باستعمار العقل)، بحيث لم تكن الإدارات الاستعمارية التي تم إنشاؤها معنية بالتنمية الحقيقية للسكان الأصليين وتمكينهم، وكان سبب وجودهم هناك ، إما لضمان تدفق المواد الخام إلى البلدان الحديثة أو لتوفير التمثيل والقدرة التنظيمية للمستوطنين الذين كان يجري تشجيعهم على استعمار الأراضي الجديدة بدعوى تطويرها وتمدين السكان الأصليين.

تنامي الولاءات الفرعية 

قدم المفكر الجزائري مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة 1946م مقاربة متميزة للظاهرة الكولونيالية برؤية عميقة ومتميزة ، يشرح فيه أن الاستعمار يفرض على حياة الفرد عامل سلبي يسميه بالمصطلح الرياضي ( المعامل) الاستعماري وهذا المعامل وضع بطريقة مناسبة لاستقرار والعمل من الانتقاص من قيمة المسْتعَمرين وتحطيم قواهم الكامنة فيهم والحط من قيمة الأهالي وينفذ بطريقة فنية كأنه معامل جبري وضع أمام قيمة كل فرد بقصد التنقيص من قيمته الايجابية، حيث يؤثر المعامل الاستعماري في تضييق نشاط الحياة في البلاد المستعمرة حتى تكون مصبوبة في قالب، يهيئه الاستعمار في كل جزئية من جزئياته، خوفا من أن تتيح الحياة المطلقة لمواهب الإنسان أن تأخذ مجراها الطبيعي إلى النبوغ والعبقرية، ويقول مالك بن نبي: ” إن الاستعمار لا يتصرف في طاقتنا الاجتماعية إلا لأنه درس أوضاعنا النفسية دراسة عميقة وأدرك منها مواطن الضعف

 أو بمعنى أخر، درس المستَعْمر الأوضاع النفسية والسلبية والاستثمار في مميزات القارة الإفريقية( تعددية أثنية لغوية، دينية) لكبح ايجابيات الفرد في القارة بتفضيل مجموعة أقليات أثنية عن سواها، وذلك عن طريق تسليم السلطة إلى نخب أثنية مختارة مع إقصاء المجموعات الأخرى من خلال سياسات تمييزية، مما شكل سبب رئيسي في خلق و تأجيج الصراع بين المجموعات العرقية المختلفة، التي رأت في ذلك إجحافا في حقها ونوعا من التواطؤ مع المستعمر إذ تحولت تلك النخب إلى ما يشبه مستعمر جديد.

تعليقات